ابناء المعرة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ابناء المعرة

منتدى لاهل المعرة والمحبين والاصدقاء
 
الرئيسيةالبوابةبوابتيأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رحلة العمر

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
said




عدد الرسائل : 13
تاريخ التسجيل : 06/10/2008

رحلة العمر Empty
مُساهمةموضوع: رحلة العمر   رحلة العمر Icon_minitime10/2/2009, 01:46

نشرت في صحيفة تشرين بتاريخ 9 شباط فبراير 2009

قصة قصيرة: سعيد هلال الشريفي
رحلة العمر


منذ أن تم الإعلان عن القدس عاصمة للثقافة العربية للعام الحالي2009, قبل نحو شهر من الآن, ومشاعر من الحنين تقفز كل يوم إلى سطح الأحداث, تنفض الغبار عن عقود عديدة من الزمن, تعود إلى أول رحلة عائلية نقوم بها بسيارة الشيفروليه الحديثة التي اقتناها والدي آنذاك, وكان لابد من تجريبها والاستمتاع بقيادتها في رحلة طويلة, أطلق عمي عليها قبل يوم من انطلاقنا: رحلة العمر.

كان ذلك في منتصف شهر يناير عام 1965, عندما حزمت الحقائب, ووضع كل ما يلزم في صندوق الأمتعة الرحب, وانطلقنا جميعا, قبل شروق الشمس, باتجاه, فلسطين.

كانت الشيفروليه التي لم يمض على خروجها من مصانع ديترويت إلا شهور قليلة, تلتهم الطريق القديمة, ذات الاتجاهين وصولا بسرعة إلى دمشق, ومنها إلى عمان, دون أي نية للتوقف.

كنت آنذاك طفلا في الصف الأخير من المرحلة الابتدائية. ولم أكن أحلم, ونحن نتجاوز الحدود الأردنية, إلا بيوم العودة إلى المدرسة, بعد انتهاء العطلة الانتصافية, لكي أتوسط حلقة زملاء الصف, وأسرد لهم تفاصيل تلك المغامرة الكبرى, وأتلذذ بمشاهد وجوههم المندهشة, وهم يعيرون آذانهم بإصغاء شديد لكل ما سأرويه لهم, وما سأجيب عليه من تساؤلاتهم الفضولية.

نظر عمي, الذي كان يقود السيارة بمهارة, إلى والدي الجالس إلى جانبه, وهو يلوي المقود يمينا وشمالا في نزول "الثنايا", قائلا: انظر كيف تحتضن الغوطة مدينة دمشق من كافة أطرافها, فتبدو للناظر من بعيد كحاضرة مقامة وسط غابة وارفة الظلال. واختتم: لاأظن أننا سنرى مدينة أجمل منها, طيلة رحلتنا التي سنجوب خلالها الأردن وفلسطين بأكملها.

وصلنا عمان عصر اليوم نفسه. لم تكن الرحلة شاقة, بقدر ما كانت مثيرة للفضول والاكتشاف.

كان والدي مزارعا, ومن ثم تاجر محاصيل زراعية, ويعرف عمان جيدا بحكم ترحاله الدائم إلى العواصم العربية المجاورة. وكانت عمان آنذاك مدينة صغيرة, يتركز نشاطها الرئيسي في مركزها الذي يضم أسواقها وشوارعها الرئيسة, وتوسعها العمراني الحديث باتجاه جبل الحسين. لقد استغرق التطواف فيها ساعة من الزمن, لكن القرار كان لوالدي, بتناول الغداء في مطعم شعبي يحبه, يقدم نفس اللحوم المشوية التي تقدم في سورية, والمبيت في أحد فنادقها, بهدف التوجه باكرا إلى فلسطين, أو ما تبقى من فلسطين, بعد نكبة عام 1948.

على أحد مخارج الطرق في أطراف العاصمة عمان, ظهرت شاخصة طرقية مدون عليها " إلى القدس", فارتسمت ابتسامة فرحة على محيا والدي رحمه الله, وطلب من شقيقه أن يزيد من سرعته قليلا. فالشوق كان أكبر من أن يحتمل المزيد من الوقت. وبعد أن تلا بصوت عال الآية الكريمة: " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله", التفت نحو عمي قائلا: ربما هذه فرصتنا الأولى والأخيرة كي نصلي بحرية تامة تحت قبة الصخرة. فاليهود يضمرون كل الشر لهذه الديار المقدسة. وربما نكون نحن آخر جيل يتمكن من رؤية هذه الأماكن بعد سنوات قليلة.

علق عمي, رحمه الله أيضا, بالقول: "وكل الله ياأخي" العرب لن يقفوا مكتوفي الأيدي عندما يتعلق الأمر بالقدس. اكتفى والدي بهز رأسه معقبا على قول أخيه: تماما كما انتفضوا عندما ذهبت حيفا ويافا وعكا التي هزم أبناؤها جيوش نابليون.

بدأت تلوح معالم القدس والحوار بين الأخوين لما ينتهي بعد, ودخلنا فورا من أحد أبوابها القديمة, لنجد أنفسنا في شوارعها التي تحمل عبق التاريخ والإنسان والأديان...سحر امتلكني طفلا ولم يفارقني أبدا.

ركن عمي السيارة, فتقدم بعض المارة يحيوننا, ناظرين بإعجاب للوحة الرقمية المدون عليها "سورية". قالت سيدة في الخمسين تقريبا من عمرها, وهي تشير بإصبعها ناحية اليسار: أنتم على بعد خطوات من كنيسة القيامة, ويشرفني دعوتكم لحضور قداس وحفل تعميد حفيدي الآن فيها.

لم أستوعب آنذاك, رغم تذكري لكل ما قيل. لكنني شعرت ونحن نصلي تحت قبة الصخرة في المسجد الأقصى, بنفس الحالة الروحية من النقاء, في كلا المكانين الطاهرين, وما زلت حتى الآن أذكر رائحة الخشب الذي تتكون منه طوابق كنيسة المهد, تماما كما لاتفارق ذاكرتي روائح بيارات البرتقال التي كانت تعانق النوافذ المفتوحة في فندق على أطراف مدينة أريحا, مع طلوع الشمس.

هل تكتب لنا احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية لهذا العام, كل ذلك التاريخ, فتجعلنا نعيشه من جديد, رغم كل ما فعلته آلة الدعاية الصهيونية الجبارة كي ينسى العالم فلسطين, وبيارات برتقالها, وعبق خشب كنيسة المهد, وإحساسك الروحي في بيت لحم؟.

كم أحن إلى تلك الأماكن. فهل سنراها يوما قبل فوات الأوان؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كاسبر
مدير المنتدى
كاسبر


ذكر
عدد الرسائل : 258
العمر : 51
تاريخ التسجيل : 05/10/2008

رحلة العمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة العمر   رحلة العمر Icon_minitime10/2/2009, 17:49

لم استطع ان اكبت فيضانات الدمع في عيوني وانا اقرأ تلك الاسطر الجميلة المريرة وانا اتخيل تلك الذكريات وكيف اصبحنا نحلم بالماضي ونتمنى عودة تلك الايام وكم اتمنى واحلم ان ازور فلسطين واصلي تحت تلك القبة واقبل تراب الاقصى ... هل سيكون لنا ذلك؟؟؟؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://m3raa.yoo7.com
عبدالباسط خشان

عبدالباسط خشان


ذكر
عدد الرسائل : 151
العمر : 38
الموقع : منتدى ابناء المعره
تاريخ التسجيل : 21/03/2009

رحلة العمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة العمر   رحلة العمر Icon_minitime14/4/2009, 04:39

شكرا اخي الله يعطيك العافيه وعنجد موضوع كتير مهم الله يقدرنا لعمل شي للاسلام ونضع بصمه بارك الله بك



رحلة العمر %D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D8%B3%20%D8%AA%D9%86%D8%B2%D9%81
مع كامل تحياتي عبد الباسط خشان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رحلة العمر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ابناء المعرة :: الفئة الاولى :: العام-
انتقل الى: